المناخُ الجميل، والطبيعة الجبلية التي تكسوها غابات السنديان والبلوط والصنوبر والأشجار المثمرة، تجدهما في بلدة القدموس، التي تعتبر واحدة من المناطق القليلة التي تمتلك كلَّ المقومات السياحية، ولاتزال محافظة على نفسها من التلوث.
ولبلدة القدموس طابعها السياحي الخاص، حيث تحتضن جواً مثالياً للنقاهة؛ نتيجة هوائها الساحر، وطبيعتها الجبلية الخضراء التي تحوي مناظراً وهندسة غريبة وجميلة، كما أنَّ طرقاتها تعتبر من أجمل طرقات محافظة طرطوس، لأنَّ السفوح والتلال ممتدة على امتداد النظر بطريقة ساحرة.
وترتفع القدموس عن سطح البحر نحو 950 متراً في أرضها العادية، وفي قممها الجبلية يصل الارتفاع إلى نحو 1150 متراً. وتقع القدموس في السلسلة الجبلية الساحلية، ولها حدود مع منطقة الشيخ بدر جنوباً ومحافظة حماة شرقاً وغرباً، وتقع على الطريق الواصل بين بانياس ومصياف، وتتبع إدارياً إلى منطقة بانياس- محافظة طرطوس. وتبعد القدموس عن محافظة طرطوس 65 كم، بينما تبعد عن بانياس 25 كم، ويمتدُّ قطاعها امتداداً جغرافياً كبيراً، حيث إنَّ المسافة بين حدودها من الجنوب الغربي حتى الشمال الشرقي تبلغ أكثر من 50 كم، ومن الغرب إلى الشرق 30 كم، وعدد سكانها 58576 نسمة حتى عام 2002، وتبلغ مساحتها 26955 هكتاراً. ويبلغ عدد القرى والمزارع التي تتبع لها 67 قرية ومزرعة، موزعة على 3 نواحي إدارية (ناحية القدموس، وناحية حمام واصل، وناحية الطواحين).
والجدير بالذكر أنَّ القدموس أو قدموس هو إله فينيقي ابن جنيور ملك صور. وتروي الأسطورة أنه طلب منه والده أن يركب البحر بحثاً عن أخته أوروبه التي اختطفها زيوس وأخذ يبحث عنها في بلاد اليونان، فأخذ ينشر الأبجدية هناك وأصبح معلماً.
من أهم المواقع الأثرية التي تميّز البلدة (قلعةُ القدموس)، التي تشكّل مرتفعاً صخرياً طبيعياً معزولاً عما يحيط به من كل الجهات، وتمتدُّ بشكل متطاول، ويتمُّ الدخول إليها من خلال درج إسمنتي حديث يؤدي إلى بوابة أولى قديمة تمَّ إنشاؤها لضمان حماية القلعة. ويلي البوابة، من جهة اليمين، جدارٌ تحصيني للممر المؤدي إلى القلعة، بني بحجارة مسواة مسافة50 متراً، وعلى اليمين توجد بقايا إحدى ركائز البوابة الثانية المبنية بحجارة منحوتة. ويستمرُّ الدرج الإسمنتي إلى سطح القلعة، حيث يوجد بئران مائيان قديمان منحوتان بالصخر الطبيعي، يستخدمان لجمع الماء حالياً. وتتوزَّع الأبنية السكنية الحديثة، بعضها من الإسمنت المسلح وبعضها من الحجر المقطوع وهي تعود إلى ثماني أسر، على حافة الضلع الجنوبي للقلعة، وفي منتصفها تقريباً بناءٌ حجري قديم مدخله مبني بحجارة منحوتة، ذو باب صغير يؤدي إلى قناة داخلية يقوم على ركائز حجرية سداسية؛ من كلّ جهة ثلاث ركائز عقدية تلتقي في محور السقف.
وتقسم هذه الركائز إلى ثلاثة أقسام متصلة مع بعضها البعض؛ يقع بين كل ركيزة وأخرى في الضلع الجنوبي نافذة متوسطة الحجم، كما يقع في الجهة الشرقية غرفة طولها 20 متراً وعرضها 10 أمتار، وهي ذات ثلاثة أورقة لها سقوف عقدية، وفي كلّ رواق شرفة تطلُّ على جهة الشرق.